“أنا قطعة من الورق ،اتحكم في حياتك” مقولة لورقة نقدية!! .. الأزمة الاقتصادية في الوقت الراهن تطالبنا أن نستخلص عصارة خبراتنا السابقة وتجاربنا الحياتية كي نتمكن من مواجهتها وتحسين أوضاعنا والحصول على الاستقرار المالي ،حيث أصبح المال يرتبط بكل شيء ويتحكم في كل شيء.
تخبرنا الفلسفة الرواقية عن مواجهة الأزمات أنه إذا كان ما يستهلك ذهنك خارج إطار تحكمك حاول قدر الإمكان أن تصرف عنه الانتباه ،أما إن كان في إمكانك ما تفعله حياله فهو لا زال تحت سيطرتك.
نظرة عامة على الأزمة الاقتصادية:
حين يصاب شخص مقرب بالمرض فنحن نتعاطف معه ونرغب بمساعدته حتى يتماثل للشفاء ،لكن ماذا نفعل حين ينتشر وباء عالمي؟! ليس الأمر ببعيد فوباء الكورونا لا تزال آثاره عالقة بالكثيرين منّا. نحن نشعر بالعجز والحيرة والأهم القلق والخوف والهلع ،ولشعورنا أيا كان تجاه الأزمة الاقتصادية ما يستحقه من الاعتراف والتقدير مما قد يخفف عنا لكنه لا يكفي لحل تلك الأزمة.
تعرف علي : العوامل المؤثرة في أسعار العقارات
الأزمة الاقتصادية من وجهة نظر نفسية:
الهلع لا يفعل سوى أن يزيد الأمور سوءا حيث يستهلك طاقتنا ويعطل سعينا ،والطاقة والسعي هما ما يجلبان المال.
لذا الراحة النفسية والذهنية مهمة للغاية في حل الأزمة الاقتصادية لأنها تساعدنا على التفكير السليم تجاه الأمور.
وبوجه عام الصحة النفسية لها أولوية مطلقة لأنها الوقود اللازم لدفعنا على العمل بكامل طاقتنا مما قد يساعد في تحسين الدخل ومواكبة الأزمة.
كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية
- كن إيجابيا : ليس متجاهلا ،الإيجابية في توجهك نحو الأزمة الاقتصادية .. غيِّر نظرتك للأمور بأن تعترف بها وتسعى إلى إيجاد حل لها بدلا من إهلاك النفس/ العقل دون عمل شيء كالعاجز تماما.
- انظر حولك : تذكر أن ليس كل ما تحصل عليه ماديا بالضرورة ،ربما هناك أشياء قيمة تمتلكها دون أن تنتبه لوجودها وتعطيها حقها في الامتنان.
- ترتيب الأولويات : التركيز على تغطية المتطلبات الأساسية وترتيبها من حيث الأهمية حتى لا تندفع في الانفاق على ما لا طائل منه مما يتسبب بعجز في ميزانيتك.
- عدل توجهك المالي : المال وسيلة وليس غاية .. نظرتنا للمال والطريقة التي نستخدمه بها قد تكون غير سليمة/صحية .. راقب نفقاتك ،وفكر هل تستخدم/تريد المادة لإشباع احتياجات أساسية أم لمجرد تملكه والحصول عليه وحسب. القوى الفاعلة للإدارة المالية لا علاقة لها بمقدار الدخل بقدر ما لها علاقة بتصورك عن الأمر.
- راقب مشاعرك : خوف ،غضب ،هجر ،عجز ،خزي ،حرمان .. هذه المشاعر الأساسية التي تؤثر على سلوكياتنا المالية ،وقدرتنا على مواجهة الأزمة الاقتصادية تتحسن بمجرد إدراك الطريقة التي نتصرف بها حيالها قد تكون :
- إيجابية بالسعي للاستثمار وتكوين ثروة والحصول على المال.
- سلبية بالكسل والاستسلام لنقص القدرة على جلب المال والحصول عليه
- إيجابية سلبية : بالتحايل والسعي الدائم لجني أكبر قدر منه مع البخل والاكتناز لأجل امتلاكه وحسب.
- استبصار خطتك المالية :
ماذا يمكنك عمله للحصول على علاوة بوظيفتك الحالية؟
أي مهارات لدي احتاج إلي تطويرها للحصول على مزيد من المال؟
هل عليّ أن احصل على ترقية أو البحث عن وظيفة أخرى؟
أيمكنني أن أعمل فترة أو وظيفة إضافية؟
تعرف علي : التداول عبر الإنترنت ومخاطره وما حكمه في الإسلام؟
ماذا نفعل عندما تتصاعد الأزمة الاقتصادية؟
- الحد من النزعة الاستهلاكية : نحن لدينا قدرة فائقة على التكيف فيمكننا تدبر الأمر والتعديل من مصروفاتنا قدر الإمكان “لا تعجز حالك.
- الديون هي عبودية الأحرار : الطريقة المثلى للإنفاق حسب الدراسات بأن نخصص (10% للإدخار – 20% لسداد الديون – 70% للمصروفات) “لا تراكم الديون”
- الاستثمار : هو النزعة الجديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية ،ابحث عن طرق يمكنك بها تحسين الدخل كوظيفة أو مشروع جديد “لا تخش المغامرة”
- النضج الذاتي : العمل على مهاراتك وزيادتها يزيد من قيمتك كفرد وبالتالي يزيد من مقدار المال الذي يمكنك الحصول عليه ،حيث يمكنك الاستثمار بتعلم لغة جديدة أو مهارة مفيدة عن طريق الانترنت “استغل الموارد المتاحة وأهمها عقلك”
- التخفيف من حدة الصراع بين ما نريد وما نحقق : بأن نميز بين رغباتنا أيها يستحق (أن يلبى/ أن يهمش /أن يعدل) وذلك يساعد كي لا تتفاقم الخسائر “لا تتصارع مع الأزمة الاقتصادية ،كن مرنا بعض الشيء”
- تعديل المعتقدات الخاطئة : نميل إلى الاعتقاد بأن من يملك المال جشع وانتهازي ،وأن الفقر رمز للزهد والروحانية على الرغم من قول الإمام علي -كرم الله وجهه- :”لو كان الفقر رجلا لقتلته”.. معرفة حقوقك والحصول على مقابل لما تقدمه وتبرع في آدائه أمر طبيعي ومحبب لسلامتك النفسية.
- عرِّف هويتك المالية : في دراسة أجريت على مزارعي حقول القصب بأمريكا الجنوبية وجد أنهم ينفقون كل عوائد محاصيلهم خلال شهر من تقاضيهم إياه ثم يقضون باقي العام في حالة من الفقر بدلا من تقسيم هذا الربح لإنفاقه على مدار العام بمعدل معتدل “رؤيتهم لأنفسهم كفقراء جعلتهم يتصرفون وفقا لها فيبددون كل ما يحصلون عليه سريعا لمطابقة هويتهم الفقيرة التي يعرفون بها أنفسهم”.
- التخلي عن الجشع : الاحتيال على الآخرين واستغلال ظروف الأزمة الاقتصادية لمصلحتك الذاتية ورفع أسعار سلعتك فوق قيمتها الحقيقية لأجل الكسب المحض يشبه من يقفز وقت غرق السفينة وهو لا يجيد السباحة!
- الحياة عادلة لأنها غير عادلة مع الجميع : علينا التوقف عن التذمر والشكوى اللا مجدية ،فنحن نعيش جميعا في ظل تلك الأزمة وعلينا تفهم أن غيرنا يواجه أيضا ما نواجه ، لا داع للحقد والتنافس كأنك وحدك تعاني من الأزمة الاقتصادية.
- الاستعانة بالله -سبحانه وتعالى- وقت مواجهة الأزمات فهو خير معين وعلينا أن نحسن الظن به وأن نشكره على كل ما يمنحنا “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم”.
- الدعم والمشاركة في العلاقات الاجتماعية : حافظ على علاقة جيدة مع اصدقائك لأنهم يساعدونك وقت الأزمات ويقدمون الدعم والتفهم اللذين تحتاج إليهما ،وساندهم كذلك بقدر ما يمكنك حين يحتاج أحدهم إلى مساعدتك.
- ابحث عن آفاق وأفكار جديدة وتعرف على أشخاص متميزين وايجابيين ومشاركتهم بأفكارك عن طرق مثلى للاستثمار وتحسين الدخل “لا تنغلق على ذاتك وتركن للجمود”.
- التحدث مع المتخصصين كمقدمي الدعم الاجتماعي والمشورة النفسية في حالة عدم إيجاد حلول والشعور بالعجز التام عن مواجهة الأزمة الاقتصادية لمساعدتك على اكتساب مهارات كي تتعامل مع القلق والهلع حين ينتابك وقت الشدائد.
لا تزال لدينا القدرة على مواجهة الأزمات حتى لو كانت الأزمة الاقتصادية عالمية ،فالكائن البشري لديه قدرات مذهلة على التكيف والمواكبة والمقاومة .. طالما لدينا أمل في الغد ونرغب بعيش الحياة كيفما تكون فإن أنفاسنا خير دليل على تلك القدرات وكل ما علينا فعله هو استغلال هذه القدرات لصالحنا والسعي للأفضل دوما وعدم الاستسلام أبداً.
