إيجاز

إيجاز

الشعور بالوحدة مرض العصر في عصر اكبر عدد وسائل تواصل

الشعور بالوحدة

أليس غريبا الشعور بالوحدة وسط ذلك الكم الهائل من وسائل التواصل الاجتماعي؟!

كم مرة يوميا تتفقد صندوق رسائلك على موقع “فيسبوك”؟
كم مرة تتحرى رسالة جديدة على تطبيق “واتساب”؟
كم مرة تتفحص قائمة أرقام هواتف معارفك/أقرانك؟
لا تدري إلى من تتحدث؟ عن أي شيء؟ وهل يلزمك سبب لتفعل؟
كم مرة يوميا انتابك ذلك الشعور؟

الشعور بالفقد .. الحاجة إلى التواصل .. الرغبة في المشاركة .. الإحساس بالخواء والوحشة كالجائع في صحراء مقفرة دون طعام.

على الرغم من كوننا اجتماعيين بفطرتنا إلا أن الكاتب الأمريكي توماس وولف قال : “لطالما كانت الوحدة – وستكون – التجربة الأهم واللا مفر منها لأي إنسان” وهذا يعني أننا جميعاً سنختبر هذا الشعور على الأقل مرة واحدة في حياتنا.

عادة لا يتم الحديث عن الوحدة بقدر من الكفاية والشفافية على الرغم من شيوعها وحتميتها وعلى الرغم من كونها جذر أغلب الأمراض النفسية لترافقها مع شعور الخزي والعار ؛

  • لأنه ليس سهلاً الاعتراف أنك مُهمل ومتروك ممن حولك .. كأننا قد نغادر العالم في أي وقت دون أن يلاحظ أو يهتم أحد على الإطلاق
  • لأنك تشعر بالعجز عن التواصل وطلب الدعم والحصول على الرعاية والاهتمام
  • يمتلئ المونولوج الداخلي بأفكار ضبابية من العزلة والقلق من عدم تقبل الآخرين لنا ولأفكارنا
  • تشعر أنه تم إقصائك دونما سبب واضح مما يجعلك تتساءل إن كانت تلزمك التضحية بذاتك وقيمك وقناعاتك من أجل الشعور بالانتماء ،وهل عليك ارتداء قناع يشبه المحيطين؟

معضلة الشعور بالوحدة loneliness ألا علاقة له بكونك وحيداً aloneness بقدر ما له علاقة بوجود
*فجوة بين حاجتك الفعلية للتواصل والمقدار الذي تحصل عليه منه
*فجوة داخلك حين تفقد تواصل أفكارك ومشاعرك مع مبادئك وأهدافك كأنك مفككٌ بالكامل

ما هي اعراض الشعور بالوحدة؟

الشعور بالوحدة

لكل منا احتياجات نفسية كما لنا احتياجات بيولوجية وكلاهما يبقيانا على قيد الحياة ،وبشكل أساسي يحتاج الإنسان إلى (الحماية ،الأمان ،التواصل) لكي يحافظ على اتزانه واستقراره النفسي
والتي تتوفر بتواجده في محيط ذويه من البشر ؛لذا حين يزداد الشعور بالوحدة ،يفعّل وضعية الدفاع أو الهروب المسؤولة عن مواجهة الأزمات .. فيها يفرز الجسم هرموني الأدرينالين “هرمون الطوارئ” والكورتيزول “هرمون التوتر” ومع استمرار ذلك الشعور يعتاد الجسم إفرازهما مما يتسبب في أعراض الشعور بالوحدة

  • الشعور بالتبلد على الدوام حتى في أكثر المواقف إثارةً.
  • فقدان السيطرة على انفعالاتنا واستجاباتنا العاطفية كالغضب المفاجئ ،القلق الغير مبرر ،الخوف الشديد من تخلي أحبتنا عنا دون وجود أسباب منطقية.
  • الانشغال بالتفكير في ماهية الكون ،الحياة ،الخلق وأسباب العيش وإيجاد معنى لوجودنا ولكل ما يحيط بنا مما قد يعطلنا عن عيش ذلك الوجود بالفعل.
  • الإنهاك الدائم والعجز عن آداء أبسط المهام اليومية لتجد أيامك تضيع في اللا شيء.
  • الرغبة في الانعزال عن الآخرين والبعد عن مشاركتهم لشعورك أنك مختلف ،لا مُنتمِ ،كأنك معزول على جزيرتك ولا تملك مفردات اللغة التي يتحدث بها عامة الناس
  • البقاء وحدك حتى تنغلق كلياً على ذاتك ؛لاعتقادك ألن يفهمك أحد وأن العزلة التامة تبقيك بأمان دون مشاحنات /جدال مع الغير
  • تتوقف عن الاعتناء بنفسك لعدم اكتراثك برؤية الناس لك ،فأنت بمفردك لا تلتقي بأحد ولا أحد يلتقيك

تعرف على : أنواع العلاقات في علم النفس

ماذا يفعل الانسان عندما يشعر بالوحدة؟

ربما تحتاج إلى إعادة النظر إلى شاشاتك وأكثر إلى ذاتك! حين تحبس طائراً في قفص يظل ينشد الحرية ،وجين تفتح له باب القفص لا يطير. كذلك نحن نظل نشكو من الشعور بالوحدة لكننا لا نفعل أي شيء لتخفيف وطأته.

على الرغم من وجود كل وسائل وأدوات التواصل الاجتماعي بحوزتنا ؛لأننا غارقون في مساوئها ولا نستفيد من دورها الإيجابي الفعلي مما يفاقم من الشعور بالوحدة

ومن العادات التي يفعلها الإنسان عند الشعور بالوحدة هي :

  1. تتبع إنجازات الآخرين أكثر من اللازم وإهمال الإنجاز والسعي في حياتنا.
  2. مقارنة صورتنا عن أنفسنا بصور الغير مع أنه – إن كانت ضرورية – علينا مقارنة نسختنا الحالية بنسختنا السابقة ونتابع تطورنا.
  3. الانهماك في تحطيم أفعالهم/ أشكالهم /صفاتهم وأنماط معيشتهم والانتقاد اللا جدوى منه.
  4. الشعور بالدونية وعدم الاستحقاق لاعتقادنا أن تلك الصور “المفلترة” التي ينشرونها هي حياتهم الحقيقية ،فإما أن نحصل على مثلها وإلا لا نحصل على الحياة برمتها
  5. الاعتقاد أن إعجاب الآخرين بما ننشر على تلك الوسائط هو معيار لقيمتنا في الواقع.
  6. إهدار الوقت في متابعة محتوى عبثي لا طائل منه مما يجعل محتوى حياتك المفترض متابعته أجوفاً وزائفاً.

 

كيف نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للحد من الشعور بالوحدة؟

الشعور بالوحدة

  • متابعة المحتوى الهادف وليس الرائج .. ينبع الشعور بالوحدة من عدم وجود هدف تسعى له أثناء عملية التصفح .. تمرر صفحة تلو أخرى فتشعر بالفراغ والعدم.
  • التركيز على اهتماماتك والانضمام لمجموعات ونقاشات حول تلك الاهتمامات .. شارك برأيك وتواصل مع الآخرين بدلا من خوض نقاشات هزلية.
  • استثمر أموالك أو مهاراتك عوضا عن التسوق واستهلاك ما لا قيمة له .. ابحث عن طرق الاستثمار عبر تلك المواقع واعرض خدماتك واستغل جلستك الإلكترونية لصالحك.
  • استخدم وسائل التواصل في التعلم واكتساب خبرات جديدة كتعلم اللغات والمهارات المختلفة على موقع “يوتيوب” الذي قال عنه إيلون ماسك “إنه معلمي الأول”.

وبخلاف الإنترنت والتواصل عبر الشاشات .. نحتاج إلى التواصل مع ذواتنا
لأننا نتجنب ذلك عادةً ونظن أن علينا التواصل الدائم مع البشر لنشعر أننا متصلون، لذا نتألم من الخلو إلى أنفسنا ..

ما هي طرق التغلب على الشعور بالوحدة خارج الوسط الإلكتروني:

الشعور بالوحدة

1- تربية حيوان أليف (لتنقل اهتمامك بكائن آخر عداك)

2- السير في الطبيعة ومشاهدة تحليق الطيور في السماء (أثبتت الدراسات أنه يساهم في تقليل هرمون الكورتيزول).

3-  مشاهدة فيلم أو متابعة الأعمال الدرامية (لكونها تشغل ساعتين من 24 ساعة مما يقلل من شعورك بفراغ يومك)

4- المشاركة في الأعمال الجماعية والتطوعية (مما يزيد شعورك بالرضا الذاتي)

5- تعلم لغات ومهارات جديدة (لتزجية الوقت والانشغال بأمور مفيدة)

6- القيام بتجارب مختلفة مما يصقل خبرتنا في الحياة

7- التحدث إلى أصدقائك وجيرانك ومشاركتهم آخر أحداث حياتك الهامة

8- قراءة كتاب أثناء الاستماع لموسيقى هادئة.

9- التعرف إلى أفراد جدد ليس عسيراً – وإن كان بالنسبة لك – فلا تتردد في زيارة طبيب أو معالج نفسي أو حتى مرشد اجتماعي لمساعدتك.

10- حافظ على علاقتك الروحانية (لتشعر بمعية الخالق وإن كنت بمفردك)

 

القدرة على صياغة تجاربنا الحياتية وإدارة حوار داخلي من أهم الأمور التي علينا المواظبة عليها لتحقيق سلامنا النفسي والشعور بالرضا عندما نكون وحيدين أو يأتينا الشعور بالوحدة.

المشاعر هي هرمونات أي كيمياء في النهاية .. القلق هرمون ،السعادة هرمون ،الحزن هرمون والألم هرمون .. إلخ.
وهذا يعني أننا عبارة عن كيمياء من تفاعلات:
فإن كانت مستقرة فمهما يحدث خارجنا سنبقى مستقرين
،أما إن كانت مضطربة فستكون محدودة بما يحدث خارجنا.

أدرك تماما مشقة العيش وحيداً لكن لا يوجد أقسى من العيش دون ما ترجو حدوثه ،أنت بحاجة إلى الأمل في الغد، في التغيير ،في المواصلة لإحداثه والسعي لأجله

لقد جئنا إلى الحياة بمفردنا وعلينا أن نتعلم احتمال العيش بمفردنا والتواصل نستمده من داخلنا، مما نؤمن به ،ومن امتلاك الأمل دائماً.

Facebook
Twitter
LinkedIn
المنشورات ذات الصلة

التكلفة الغارقة: كيف نتجنب الفخ المالي الخفي في قراراتنا؟

تعد “التكلفة الغارقة” من المصطلحات الاقتصادية الحيوية التي تثير اهتمام الباحثين وأصحاب الأعمال على حد…

السوق العقاري السعودي بوابتك للاستثمار الناجح في قلب الخليج

يشهد السوق العقاري السعودي نموًا وتطورًا مستمرين في ظل رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى…

ماذا يريد الزوج من زوجته

ماذا يريد الزوج من زوجته ؟ تظلّ الإجابة على هذا السُّؤال من أهم العوامل لتحقيق…